كيف تغيرت البرازيل

0
ثرد اليوم عن دولة ، تغيرت جذرياً في سنوات قليلة. من دولة هددها صندوق النقد الدولي بإعلان افلاسها ، إلى دولة منحت قروض لصندوق النقد الدولي ، والفرق بين الفترتين خمس سنوات فقط. قراءة ممتعة  (يُنصح بكاسة شاهي أو قهوة أثناء القراءة)
في الثمانينات مرت البرازيل بأزمة اقتصادية طاحنة لإيجاد حل لأزمتها ذهبت للإقتراض من صندوق النقد الدولي معتقدة أنه الحل لأزمتها الاقتصادية وبالتأكيد طبقت حزمة الشروط المجحفة مما أدى إلى تسريح ملايين العمال وخفض أجور باقي العاملين وإلغاء الدعم وكنتيجة >> انهار الاقتصاد البرازيلي
ووصل الأمر إلى تدخل دول أخرى في السياسات الداخلية للبرازيل، وفرض البنك الدولي على الدولة أن تضيف إلى دستورها مجموعة من المواد منها تعديل الحد الأدنى للرواتب ، مما تسبب في اشتعال الأوضاع السياسية الداخلية.
ورغم استجابة البرازيل لكل الشروط إلا أن الأزمة تفاقمت أكثر وأكثر وأصبح 1% فقط من البرازيليين يحصلون على نصف الدخل القومي. وهبط ملايين المواطنين تحت خط الفقر ، الأمر الذي دفع قادة البرازيل إلى الإقتراض من الصندوق مرة أخرى بواقع 5 مليارات دولار ، معتقدين أنه الطريق للخروج من الأزمة
فتدهورت الأمور أكثر وأصبحت البرازيل الدولة الاكثر فساداً وطرداً للمهاجرين ومن الأعلى حول العالم في معدل الجريمة وتعاطي المخدرات والديون ، حيث تضاعف الدين العام 9 مرات فى 12 سنة فقط!
في نهاية 2002 هدد صندوق النقد الدولي بأنه سيقوم بإعلان إفلاس البرازيل إذا لم تسدد فوائد القروض ورفض إقراضها أي مبالغ إضافية. انهارت العملة ليصبح الدولار يساوي 11 الف ريال برازيلي. حرفياً الدولة كانت تحتضر!
في عام 2003 انتخب البرازيليين رئيسهم (لولا دا سيلڤا) كان فقير وعانى بنفسه من الجوع وظلم الاعتقال وكان يعمل ماسح احذية. أول ما مسك الحكم الكل خاف منه ورجال الأعمال توقعوا انه بيأخذ أموالهم ، والفقراء توقعوا بأنه بيسرق عشان يعوض الحرمان .. لكنهم كلهم كانوا مُخطئين!
أول ما استلم قال كلمته الشهيرة "التقشف ليس ان أُفقر الجميع بل هو أن الدولة تستغني عن كثير من الرفاهيات لدعم الفقراء" وقال كلمته الشهيرة "لم ينجح أبداً صندوق النقد إلا في تدمير البلدان" لأنه يؤمن بأن كثير من الديون تُسبب الكسل والتدمير. وبدأ بالإعتماد على أهل بلده.
وضع بند جديد في الموازنة العامة للدولة اسمه (الإعانات الاجتماعية المباشرة) وقيمته 0.5% من الناتج القومي للدولة ويصرف بصورة رواتب مالية مباشرة للأسر الفقيرة.يعنى ببساطة استبدل الدعم العيني بدعم نقدي.هذا الدعم كان يدفع لـ11 مليون أسرة تشمل 64 مليون برازيلي. وبدأت العملة في الارتفاع
كان الدعم يعادل 735 دولارًا (حوالى 13 الف ريال برازيلي لكل أسرة شهرياً) طبعاً السؤال المهم ، من وين هذي المبالغ كلها والبرازيل مفلسة ؟!! اللي سواه انه رفع ضرائب الدخل على الكل (ما عدا المدعومين ببرنامج الإعانات). يعني رفع الضرائب على رجال الأعمال والفئات الغنية من الشعب
السؤال الأهم ، وش كانت ردة فعل رجال الأعمال على هذي الإجراءات؟ تخيلوا أنهم كانوا سعداء لأنه منحهم تسهيلات كبيرة في الإستثمار وآلية تشغيل وتسيير أعمالهم ومنح الأراضي مجاناً وتسهيل التراخيص وإعطاء قروض بفوائد بسيطة لمساعدتهم في فتح أسواق جديدة.
إضافة إلى ذلك ، الفقراء دخلهم بدأ يرتفع وتزيد عملية شراء منتجات رجال الأعمال فتضاعف حجم مبيعاتهم، بذلك ما كانوا يشوفوها على انها جباية ، بالعكس كانوا يدفعوا الضرائب ويعتبرونها رسوم للتسهيلات وأصبحوا يكسبون اكثر بسببها.
بعد 3 سنوات فقط عاد 2 مليون مهاجر برازيلي و 1.5 مليون أجنبي للإستثمار والحياة في البرازيل. في 4 سنوات سدد كل مديونية صندوق النقد. تخيلوا إن الصندوق اللي كان بيشهر افلاس البرازيل اقترض منهم 14 مليار دولار أثناء الأزمة العالمية في 2008 بعد 5 سنين فقط من حكم لولا دا سيلڤا.
ركّز الرئيس دا سيلڤا على أربعة أمور. الصناعة ، التعدين ، الزراعة وبدون أدنى شك التعليم. البرازيل وصلت لسادس أغنى دولة في العالم في آخر سنوات حكمه (2011) وأصبحت تصنع الطائرات (أسطول طائرات الإمبريار برازيلية الصنع). كانت أحد أعمدة دول الـBRIC ...
وهذي الدول هي البرازيل وروسيا والهند والصين ، واللي كان متوقع انها تكون في اعلى قائمة أقوى الإقتصادات في العالم بحلول 2030 ، ولكن الأمور تغيرت كثيراً. الديستور في البرازيل يسمح للرئيس بفترتين رئاسية كحد أقصى وكل فترة مدتها 4 سنوات. 2011 انتهت الفترة الرئاسية للرئيس لولا داسيلڤا
بعد انتهاء ولايتي حكم لولا في 2011 وبعد كل هذه الإنجازات اللي غيرت واقع الدولة ، طلب منه الشعب أن يستمر ويعدلوا الدستور اللي يمنعه من فترة رئاسية ثالثة. رفض بشدة وقال كلمته الشهيرة "البرازيل ستنجنب مليون لولا ، ولكنها تملك دستور واحد." وترك مكتب الرئاسة.
البرازيل دشنت أول غواصة نووية (فقط 5 دول في العالم تصنع غواصات نووية وهي أمريكا - روسيا - الصين - بريطانيا - فرنسا). أول غواصة برازيلية كانت بالتعاون مع فرنسا. ولكنها ستدشن الغواصة الثانية في هذا العام والثالثة فى 2022 بصناعة برازيلية خالصة.
النهوض من التخلف ليس مستحيلاً بل إرادة والمهم الإدارة ويمكن أن يحدث في سنوات معدودة والطريقة معروفة ومحددة. الصناعة والزراعة والإهتمام بالفئات الفقيرة والتعليم. لا شيء آخر! فعلتها ألمانيا واليابان في الستينات دول شرق آسيا في الثمانينات البرازيل في2003 إثيوبيا وراوندا من عام 2015
قبل الختام: الغريب في قصة لولا داسيلڤا بأنه الآن مسجون بتهمة غسل الأموال والرشاوى اللي حصل عليها من شركة OIS للإنشاءات مقابل ترسية مشاريع عليهم من شركة نفطية محلية في البرازيل. حُكم عليه بالسجن لـ12 سنة في 2017 وفي 2019 تم تخفيض المدة لـ8 سنوات و10 أشهر.
أتمنى إني وصلت المحتوى بطريقة جيدة ومفيدة. شكراً من القلب على القراءة. شاكر لكم دعمكم 🙏 #انتهى
@raeibishah @AbdulazizKhabti كنت اكتبها ثريد ولكن بعد حوار مع شخص اقنعني ، وغيرتها من مدة طويلة

لا يوجد تعليقات

أضف تعليق