1️⃣ 📌 ثريد | كيف سيكون النظام العالمي الجديد بعد #كورونا؟ تكثر القراءات حول عالم ما بعد كورونا من قبل المفكّرين والمحلّلين الاستراتيجيين، وأغلب تلك القراءات تؤكد أو ترجّح أنّ الصين ستصعد مستقبلًا على رأس النظام العالمي الجديد على حساب أمريكا والدول الغربيّة، وهذا ما سنناقشه.


Image placeholder

Image placeholder


2️⃣ شكل العالم سيتغيّر، هذا أمر محسوم؛ إذ هذا ما تعلّمناه من التأريخ الذي سجّل لنا تغييرًا جوهريًّا لشكل العالم بعد كلّ أزمةِ كبرى مرّ بها! لكن قبل الحديث عن شكل العالم لما بعد #كورونا، دعونا نستدعي ذاكرة المائة عام الأخيرة. في المائة عام الأخيرة مرّ العالم بثلاثة منعطفات.


3️⃣ المنعطفات الثلاثة كانت الحرب العالميّة الأولى، الحرب العالميّة الثانيّة، وسقوط الاتّحاد السوفياتي. كل منعطف منها غيّر شكلَ العالم بعده! بعد الحرب العالميّة الأولى، وُلدت عصبة الأمم المتحدة عام (١٩١٩) كأوّل منظمة أمن دوليّة كانت تهدف إلى تحقيق السلم العالمي، لكنّها فشلت!


Image placeholder


4️⃣ تجلّى فشل عصبة الأمم المتحدة حين اندلعت الحرب العالميّة الثانية (سبتمبر ١٩٣٩)! بانتهاء الحرب العالميّة الثانية، رسم المنتصرون ملامح النظام العالمي الجديد حينها؛ حدث ذلك في اتّفاقية بريتون وودز الشهيرة عام (١٩٤٤) والتي تجلّت فيها علامات الهيمنة الأمريكيّة على النظام العالمي!


Image placeholder

Image placeholder


5️⃣ اتّفاقية بريتون وودز قادت إلى تأسيس صندوق النقد الدولي، البنك الدولي، واتّفاقية التعرفة الجمركية والتجارية (غات). علاوة على ذلك، تأسست هيئة الأمم المتحدة بأذرعتها المختلفة: الجمعية العامة، مجلس الأمن، المجلس الاقتصادي والاجتماعي، ومحكمة العدل الدوليّة في لاهاي.


Image placeholder

Image placeholder


6️⃣ وهكذا، تشكّل عالم ما بعد الحرب العالميّة الثانية بشقّيْه السياسي والاقتصادي. لم تنتهِ قصةَ التشكّل هنا، ففي أوروبا - التي كانت مسرحًا للحربين العالميّتين - وُضعت البذرة الأولى للاتّحاد الأوروبي عام (١٩٥٠) عبر تأسيس سوق مشتركة للفحم والصلب ضمّ فرنسا وألمانيا الغربيّة.


7️⃣ تحوّل السوق إلى رابطة انضّمت لها دول أوروبا عبر السنوات شيئًا فشيئًا حتى وصلنا إلى إعلان ولادة الاتّحاد الأوروبي في عام (١٩٩٢). بعد الحرب العالميّة الثانية، شهدنا حربًا باردة بين قطبَيْ النظام العالمي حينها (أمريكا والاتحاد السوفيات) أدّت إلى سقوط الاتحاد السوفياتي (١٩٩١)!


8️⃣ القرن العشرون شهد تنازعًا بين الأديولوجيا الماركسيّة شرقًا والأديولوجيا الليبراليّة غربًا، بين المنظومة الاشتراكيّة والمنظومة الرأسماليّة! توارى كثيرًا هذا الصراع بسقوط الاتّحاد السوفياتي، فظهر نظام عالمي أحادي القطب تتزعّمه أمريكا بأفكارها الليبرالية واقتصادها الرأسمالي.


9️⃣ ما سبق سرد تاريخي موجز يحكي كيف يتغيّر شكل العالم بعد كل أزمة كبرى يمر بها، وكيف يتموضع الاقتصاد في قلب التغيير كلّ مرة. نعود إلى السؤال الرئيس: كيف سيكون شكل العالم لما بعد #كورونا؟ للإجابة، لا بدّ أن نفهمَ كيف يعمل عالم اليوم ويُدار!


🔟 بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، تسيّدت الليبرالية الاقتصاديّة الاقتصادَ العالمي، بل وبدأت تتحوّل مع الوقت للتطرّف في تطبيق أفكارها. كانت تنادي برفع العوائق عن عملية الإنتاج والتوزيع، وصدّ الحكومات عن تملّك وسائل الإنتاج أو الاستثمار فيها، وأن يترك العنان لقواعد السوق أن تحكمه.


1️⃣1️⃣ هذه الليبراليّة الاقتصاديّة قلّلت وحدّت من سلطات الحكومات المركزيّة في الدول التي تطبّقها، فظهر لدينا ذوو النفوذ الجدد من أصحاب رؤوس الأموال، وتنامت أعداد الشركات العابرة للقارات، وأصبح رأس المال في بعض دول الغرب أداة مؤثرة تحت أقبية البرلمانات!


1️⃣2️⃣ ولعلّ الجميع يلاحظ دعم أصحاب رؤوس الأموال وبشكل معلن للمرشّحين لمقاعد الرئاسة في تلك البلدان. أيضًا، يُلاحظ التأثير الواضح للوبيّات قطاعات بعينها في سنّ تشريعات تخدم أصحاب رؤوس الأموال. ورأينا كذلك تنامي كبير في أعداد الشركات الغربيّة التي نقلت مصانعها لشرق المعمورة!


1️⃣3️⃣ اتّجهت بخطوط إنتاجها إلى الصين وغيرها؛ بحثًا عن التكلفة الأقل وطمعًا في التسهيلات اللوجستيّة، وتشكّل القالب التطبيقي لما يُعرف بعولمة الاقتصاد. ما سبق معروف، ولا جديد فيه؛ هذا النظام العالمي القائم. نعود إلى سؤالنا في بداية الثريد: كيف سيكون شكل العالم لما بعد #كورونا؟


1️⃣4️⃣ سؤال التغيير - أي هل سيحدث تغيير؟ - لم يعد مطروحًا؛ المطروح ما شكل هذا التغيير؟ ظهرت تحليلات كثيرة تُبشّر بقيادة جديدة للعالم تتولاها الصين، وتؤكد أن المنظومة الرأسمالية إلى زوال، وأن مقعد قيادة العالم ستتركه أمريكا مرغمة! هذا برأيي تبسيط مخلّ جدًّا ورأي أجده خاطئًا!


Image placeholder

Image placeholder


1️⃣5️⃣ ليس من السهل إطلاقًا إصدار الأحكام القطعيّة المطلقة عن بنية وشكل النظام العالمي لما بعد #كورونا، لكن يمكن أن نتوقع تغييرات محددة في الجانبَين السياسي والاقتصادي. وللتنويه، فإنّ التغييرات لا تعني أن الصين قادمة على حساب الغرب، ولكن تشرح أن الشكل الحالي سيتغيّر.


1️⃣6️⃣ ✔️السياسة: ١. كشف #كورونا ضعفًا رهيبًا في التنسيق البيني بين دول الاتّحاد الأوروبي، الاتّحاد الذي يعاني من خلافات ظاهرة بين أعضائه، والذي أضعفه قطعًا خروج بريطانيا منه! ألمانيا وفرنسا تقولان إن دولاً مثل إيطاليا وأسبانيا ترهقان منظومة الاتّحاد ولا تتصرّفان بمسؤولية!


1️⃣7️⃣ وأنّهما - أي ألمانيا وفرنسا - باقتصادَيهما القويّان يدفعان فاتورة عالية لإنقاذ دول الاتّحاد الأخرى! من جانب آخر، تتأكّد يومًا تلو الآخر داخل شعوب الاتّحاد قناعة مُفادها أنّ الاتّحاد دائمًا ما يفشل في إدارة وتجاوز الأزمات الكبرى وأنّ أداءه لا يواكب إطلاقًا طموحهم فيه!


1️⃣8️⃣ ورأينا كيف أنزل بعض العامّة علم الاتّحاد في إيطاليا ورفع العلم الصيني! إذا أضفت لهذا العامل العاملَ الآخر القاضي بصعود التيّار الشعبوي عالميًّا خلال السنوات الأخيرة، فإنّ ذلك يعني أنّه ربّما نشهد تفكّكا لبعض المنظومات الإقليميّة في العالم؛ تحديدًا الاتّحاد الأوروبي!


1️⃣9️⃣ بطبيعة الحال، انفراط عقد الاتّحاد الأوروبي يشكّل مصلحة مهمّة للصين وروسيا! أمر آخر سيتغيّر في الجانب السياسي، ارتفاع نبرة التيار الشعبوي أكثر من أيّ وقتٍ مضى، بحيث تُساهم بشكل أكبر في وصول الأحزاب اليمينيّة لحكم بلدانها مستقبلاً. ويمكن أن أضيف أمرًا بالغ الأهميّة هنا.


2️⃣0️⃣ خلال تتبّع إدارة الدول لوباء #كورونا، نجد أن الدول التي تتمتّع باقتصادات قويّة وبسلطة عالية للحكومة المركزيّة نجحت أكثر من غيرها في إدارتها للأزمة. فدولة بها حكومة بسلطات عالية ستّتخذ قرارات تخدم الصالح العالم وفي وقت وجيز جدًّا: الصين على سبيل المثال!


2️⃣1️⃣ في المقابل، الدول التي تحمل حكوماتها المركزيّة سلطات بسيطة لم - ولن - تتحرك بالسرعة المطلوبة وستظلّ رهينة لمصادقة برلماناتها في كثير من خطواتها، وما يحمله ذلك أحيانًا من تسويّات سياسيّة ونفوذ أصحاب رؤوس الأموال على خطواتها وقراراتها! هذا أمر جليّ أفرزته الأزمة الحالية.


2️⃣2️⃣ هذا لا يعني أنّ الأنظمة الغربيّة ستغيّر من جلدها مستقبلًا، لكن أعتقد أنّ ذلك سيفتح مستقبلًا نقاشًا كبيرًا وجادًّا داخل مؤسسات ودوائر قرار تلك الدول عن أهميّة إعادة النظر في السلطات الممنوحة للحكومات، وحماية المصالح العليا من الحسابات الحزبيّة والانتخابيّة الضيّقة.


2️⃣3️⃣ ✔️ اقتصاديًّا: ١. أعتقد أنّ الاقتصاد الصيني سيُحقّق قفزة نوعيّة غير مسبوقة، لكن أستبعد أن يكون الاقتصاد الذي يقود العالم على الأقل لثلاثين عامًا قادمة. ٢. سيُعاد النظر في سلاسل الإمداد (Supply Chain)؛ لأنّ عددًا كبيرًا من كبريات الشركات نقلت مصانعها لدول الشرق كما أسلفنا.


2️⃣4️⃣ ووجود المصانع شرقًا يعني طول سلسلة الإمداد بشكل كبير ممّا جعل هذه الشركات تُعاني بشكل كبير بمجرّد بدء الأزمة في الصين وحتى قبل أن تنتقل (الأزمة) لباقي دول العالم! ويمكن أيضًا أن نُفكّر في مستقبل طريق الحرير الذي يربط الشرق بالغرب بدءًا من الصين، هل سيتأثّر أم لا؟


2️⃣5️⃣ ٣. صعود غير مسبوق لقطاعات جديدة خصوصًا في الجانب التقني، وقطاع الخدمات الذي يعتمد على التقنية بشكل كبير، زيادة الاعتماد على التطبيقات والعمل عن بعد، وما يعنيه ذلك من: ✔️ زيادة الاستثمار في مجال التقنية وكلّ ما يتعلّق بها سواءً في مجال البرمجة، الشبكات، تقنيات الاتّصال.


2️⃣6️⃣ ✔️ أتوقّع الاعتماد أكثر من ذي قبل على تطبيقات العمل عن بعد سواء في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص، وهذا له أثر بارز في الجانب الاقتصادي، أو الاجتماعي. ما سبق محاولة استقراء شكل عالم ما بعد #كورنا. ✔️ الآن السؤال: ما حجم الضرر على الاقتصاد الكلّي؟ والجزئي؟


2️⃣7️⃣ أعتقد أنّ الآراء التي تقول إنّ العالم متّجه إلى (كساد) مثل كساد القرن الماضي تبالغ في مخاوفها. أعتقد أنّ جميع اقتصادات العالم متّجه إلى ركود، وأميل إلى الرأي الذي طرحه د. إحسان ابو حليقه في ظهوره الأخير حين ذكر أنّ اقتصادَيْ الصين والهند هما فقط من سيحقّقا نموًّا في ٢٠٢٠.


2️⃣8️⃣ ✔️ هل تتّجه الصين إلى قيادة العالم؟ أستبعد جدًّا ذلك؛ لأسباب: ١. التفوّق الاقتصادي وحده عامل مهمّ جدًّا للهيمنة والحضور لكنّه لا يكفي لقيادة العالم. القيادة تستلزم أكثر من ذلك: النفوذ السياسي، القدرة العسكريّة، والاقتصاد المعرفي، وكلّها لا تزال أمريكا تُمسك بها جيّدًا.


2️⃣9️⃣ ٢. كاريزما القيادة لا تملكها الصين؛ أمريكا مثلًا تملك ميزة انتشار اللغة، قيم تبشّر بها - مهما اختلف معها البعض - مثل الديمقراطيّة، والأفكار الليبراليّة، وغيرها. ٣. القوة الناعمة التي تملكها أمريكا من خلال الإنتاج الفنّي والدرامي، أو الحضور الطاغي في مسارات التعليم العالي.


Image placeholder


3️⃣0️⃣ في المقابل، ستُنافس الصين أمريكا على الهيمنة الاقتصاديّة، وستكون معركتهم القادمة وسباقهم المحموم في تقنية 6G،5G. الخلاصة/ سيتغيّر العالم كما تغيّر بعد كل أزمة كبرى، لكن شكل التغيّر بالغ البعض في وصفه بأنّ حقبة قيادة الصين للعالم بدأت وسط عاصفة #كورونا التي اجتاحت العالم!

لم تظهر جميع التغريدات؟
اضغط للتحديث
تحديث السلسلة قد يستغرق بعض الوقت، اعتمادا على عدد التغريدات...